بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ان
مما ابتليت به الأمة في أيامنا ما يسمى بقراءة القرآن على المقامات
الموسيقية , وقد تكون هذه المصيبة قديمة ولكنها أشد ما تكون انتشارا بين
حملة كتاب الله وقرائه في هذا الزمان بالذات .
وقد يقول قائل : ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم :
"ليس منا من لم يتغن بالقرأن" , فيقال : صحيح أنه قال ذلك ولكن التغني هو
الاجتهاد في تحسين الصوت به وليس جعله كالموسيقى والعياذ بالله ...
فكيف تجوز تلاوة القرآن بهذه المقامات وهو كلام رب البريات ؟؟؟
كيف تجوز تلاوة كلام العزيز الجبار على طريقة أهل الموسيقى والفسقة والفجار ؟؟؟
وهذا شيء من كلام العلماء في حكم القراءة بالمقامات وجدته فأردت أن أنقله :
قال شيخ الإسلام رحمه الله في الإستقامة :
" ومع هذا فلا يسوغ أن يقرأ القرآن بألحان الغناء ولا أن يقرن به من الألحان ما يقرن بالغناء من الآلات وغيره " (1/ 246 )
وقال القرطبي رحمه الله في حين تكلم عن حرمة القرآن قال :
" ومن حرمته ألا يقعر في قراءته كفعل هؤلاء الهمزيين المبتدعين والمتنطعين
في إبراز الكلام من تلك الأفواه المنتنة تكلفا فإن ذلك محدث ألقاه إليهم
الشيطان فقبلوه عنه ومن حرمته ألا يقرأه بألحان الغناء كلحون أهل الفسق " (
1 / 29 )
وقال الإمام ابن رجب رحمه الله في (نزهة الأسماع في مسألة السماع):
قراءة القرآن بالألحان، بأصوات الغناء وأوزانه وإيقاعاته، على طريقة أصحاب
الموسيقى، فرخص فيه بعض المتقدمين إذا قصد الاستعانة على إيصال معاني
القرآن إلى القلوب للتحزين والتشويق والتخويف والترقيق.
وأنكر ذلك أكثر العلماء، ومنهم من حكاه إجماعاً ولم يثبت فيه نزاعاً، منهم أبو عبيد وغيره من الأئمة.
وفي الحقيقة هذه الألحان المبتدعة المطربة تهيج الطباع، وتلهي عن تدبّر ما
يحصل له من الاستماع حتى يصير التلذذ بنجرد سماع النغمات الموزونة
والأصوات المطربة، وذلك يمنع المقصود من تدبر معاني القرآن.
وإنما وردت السنة بتحسين الصوت بالقرآن، لا بقراءة الألحان، وبينهما بون بعيد. اهـ
وسئل العلامة ابن باز رحمه الله :
ماذا يقـول سماحتكم في قارئ القـرآن بواسطة مقامات هي أشبه بالمقامات
الغنائية بل هي مأخـوذة منها أفيدونا بذلك جـزاكم الله خيـرا ؟
الجواب :
لا يجوز للمؤمن أن يقرأ القرآن بألحان الغناء وطريقة المغنيين بل يجب أن
يقرأه كما قرأه سلفنا الصالح من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعهم
بإحسان ، فيقرأه مرتلا متحزنا متخشعا حتى يؤثر في القلوب التي تسمعه وحتى
يتأثر هو بذلك . أما أن يقرأه على صفة المغنيين وعلى طريقتهم فهذا لا يجوز
.
مجموع الفتاوى لابن باز
9/290