(وفاء إ مرأه)
أقص لكم قصتي اليوم من هذه الغرفة المتواضعة في هذا المنزل المتواضع ربما سيأتي في يوم من الأيام من يقراها ويعتبر منها
نعم انه منزل متواضع لكنه يعمر بالدفء والسعادة، نعم أعيش حياه متواضعة لكنني راضيه بم قسمه الله لي ولم أطمع يوما في الرفاهية أو البيوت الناعمة ولم أشعر يوما أن من يعيشون حياه الرفاهية هم أفضل مني في شئ فانا لا أريد من الدنيا إلا ما يسترني
منذ طفولتي وأنا أعيش في هذا المنزل فانا وحيده أمي وقد توفي والدي وأنا صغيره ولا أتذكر حتى ملامح وجهه وربتني أمي بعرقها وكدها ولم تدخر جهدا في تربيتها لي و كان لنا جار اسمه هشام وكان هشام يصغرني بأربع سنوات وكعادتنا في المناطق الشعبية يكون الجيران كاسره واحده ويتربى الأبناء مع بعضهم كأبناء الاسره الو احده
كم كانت جميله هذه الأيام ونحن صغار ونلعب أنا وهشام وأخواته البنات
الا ئي كن يكبروننا،كم لعبنا وضحكنا ولهونا
وقد كان هشام اقرب لي من كل أخواته البنات وبالرغم انه يصغرني إلا أنني كنت اشعر دائما انه يكبرني فهو يخاف علي وينصحني وكثيرا ما كان يتشاجر مع أولاد الحي وأبناء الجيران الذين كانوا يضايقونني
ومرت السنوات ودخل هشام كليه الشرطة وأصبح شاب وسيم ذو شخصيه رائعة وكان محط أنظار كثير من بنات الحي الذي نسكن فيه
وتخرجت أنا أيضا من الجامعة وعملت في شركه كبرى
وكان هشام يأتي كل خميس في العطلة الاسبوعيه ويقضي معنا طول النهار لان منازلنا كانت متجاورة وكثيرا ما كان يأخذني للتنزه
ولم أكن اشعر بأي حرج من خروجي مع هشام أمام أهل الحي لأنه أولا يصغرني وثانيا الكل يعرف أننا تربينا معا وأننا في حكم الأخوات
وكان هشام يحكي لي عن كل أسراره وعن مغامراته العاطفية وكيف كانت كل قصص الحب التي يتعرض لها غير مكتملة وانه لا يجد الحب الحقيقي
إنما كان يدخلها لأنه شاب ويحب أن يعيش مشاعره معتقدا في كل مره انه الحب الحقيقي ولكنه مع الوقت يكتشف أنها علاقات عابره ولم تلمس قلبه ومشاعره في الصميم
وفي كل مره كنا نخرج معا كان يمازحني قائلا بسرعة يا برنسيسه انتي زى القمر بطلي وقوف شويه قدام المرايا انتي مش محتاجه تتزوئي
أنا هسيبك وامشي
وكنت اضحك وأقول له انت هتزلني عشان هتخرجني هو أنا بشوفك غير كل أسبوع علي العموم يا سيدي بناقص خروجه
وهكذا كان يملا أرجاء البيت بالسعادة والفرحة
لأنه كان يعرف أنني احتاج أخا وأبا فهو مثلي حرم من حنان الأب و كان يعوضني عن حنان لم أتذوق طعمه في حياتي
إلي أن تقدم لخطبتي شاب ثري له مركز مرموق فرحت أمي به كثيرا وبالطبع كان هشام أول شخص شاورته في الأمر وطلبت منه الحضور لمقابله الخطيب وهو لم يمانع لكنه سألني إن كنت أحبه؟؟
فقلت له أنني لم اعرف الحب طوال حياتي وإنما أفكر بعقلي وأنت تعلم ذلك جيدا ، وبالطبع سأل عنه هشام ولم يجد ما يعيبه وتمت الخطبة
لكني لا حظت أن هشام بدأ يبتعد عني وكان كلما جاء خطيبي يتعلل بأشياء لكي لا يجلس معنا وعندما كنت أساله لا يقول لي سبب مقنع لذلك وهذا ما جعلني حزينة جدانعم حزينة فابتعاد هشام عن حياتي يزيد يوما بعد يوم حتي انه لا يحضر في كثير من العطلات الاسبوعيه ويكتفي باتصال هاتفييخبرني فيه انه لن يأتينعم أنا الآن مخطوبه لكن وجود خطيبي لم يغير من أحاسيسي ولا اشعر بنشوة الحب معه ولا اعرف السبب ومرت الأيام والحال كما هو عليه و ابتعاد هشام في تزايد وبدأت أنا أيضا في الابتعاد عن خطيبي الذي كا ن يلاحظ كل شئ ولكنه لم يفاتحنيِِِ
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وجاء يوم وتأخر هشام في الكلية حوالي شهر كامل بدون أي اتصال وكانت والدته في زيارة لأقربائها لأنها كانت تعاني من الوحدة بعد زواج بناتها
وعندما انقطعت أخباره عني كدت اجن واتصلت به كثيرا لكنه لم يرد علي أي اتصال فعشت أياما عصيبة لا آكل ولا اشرب ولا أنام
ما سر هذا القلق الرهيب وما سر هذا الحزن الذي يملأ حياتي وقلبي
نعم يملأ قلبي !!!
فهل أنا أحب هشام رغم انه يصغرني؟؟؟
نعم أحبه ولم أعرف في حياتي غير حبه
نعم أحبه منذ أن تفتحت عيني ومنذ نعومه أظافري
واكتشفت اليوم أنني أحبه وانه هو الآخر يبادلني نفس الشعور
وان عيونه المليئة بالدموع التي كان يخفيها عني وأنا مع خطيبي كان سببها حبه لي ، وان علاقات الحب الفاشلة التي كان يخوضها بسبب حبه لي
وان ابتعاده عني طول هذه الفتره بسبب حبه لي
وهل يكون السن حاجزا بيني وبين سعادتي؟؟
أم هي العادات والتقاليد الباليه
أم خطيبي الذي لم اشعر به يوما والذي بدأ هو الآ خرفي الابتعاد عني
أن هشام هو أبي وأخي وصديقي وحتي ابني
سوف اذهب إليه وارتمي بين يديه وأقول له انه لن يمنعنا من الارتباط أي إنسان علي وجه الأرض
وسوف اترك خطيبي فهذا أفضل له ولي وسوف يعوضه الله بمن هي أفضل مني
سوف اتركه هو وماله الذي كثيرا ما كان يلوح به
فأنا لم يشغلني في يوم من الأيام حب المال
وأمي لن تمانع فهي تحب هشام مثل ابنها وكل ما يهمها في الحياة
هو سعادتي
شعرت حينها بسعاده حقيقية تغمر قلبي وشعرت بقلبي ينبض ويتراقص بين ضلوعي وشعرت براحه لم اشعر بها منذ ابتعاد هشام عني
وفي نفس اليوم اتصل بي احد زملاء هشام ليخبرني انه أصيب بطلق ناري عن طريق الخطأ أثناء التدريب وانه كان في غيبوبه وأول ما استرد وعيه طلب منه الاتصال بي وان هاتفه النقال فقد أثناء الحادث
فيالسخريه القدر !!هل هذه هي البدايه والنهاية؟؟
أيكون القدر قاسيا لهذه الدرجة؟؟
هرولت مسرعه إلي المستشفي وقد كان قد نقل من العناية المركزة إلي غرفه عاديه وبقيت إلي جواره إلي أن تحسنت حالته الصحية
ثم صارحته بحبي له فلم يعد عندي مجالا للشك
وهو في البدايه أنكر حبه لي ولكنه اعترف لي بكل شئ مع إلحاحي واخبرني انه لم يشعر بحبه الكبير لي إلا عندما أحس انه سوف يفقدني
فقد كان يعتقد طول الوقت انه يحبني كأخت له ، إلي أن تمت خطبتي
فقد شعر حينها بالغيرة
من خطيبي وكان كلما رآه معي يشعر بقلبه ينشطر من فرط حزنه وألمه
لكنه آثر الابتعاد عندما رأي ترحيبا مني و من والدتي بالعريس
وقد كان خائفا من فارق السن بيننا
بعد ما تماثل تقريبا للشفاء قررنا الزواج فقد كان في آخر سنه له في الكلية وكان راتبي كبير يكفي تكاليف الزواج الضرورية خاصة انه كان بحاجه إلي من ترعاه عن قرب بعد زواج أخواته ومرض والدته
وفعلا تزوجنا وقد بارك الأهل هذا الزواج
وعشت مع هشام أيام هي اسعد أيام حياتي كنا نختلس الساعات من الدقائق
وفي كل يوم نعيش سنه بل عشرات السنين
فالسعادة لا تحسب بالسنين وإنما بلحظات يعيشها الإنسان بكل صدق
فهناك من يقضون حياتهم ولا يحصلون علي لحظه سعادة حقيقية
لكن القدر وبعد شهور قصيرة أخذه مني ورحل زوجي وحبيبي علي إصر الطلقة النارية التي أصابته
ولن أستطيع أن اصف لكم مشاعر الحزن والألم التي خيمت علي حياتي
لكني مع كل هذا الظلام من حولي شعرت بطاقات من الأمل تنير الطريق أمامي لأنني رضيت بمشيئة الله ولم أيأس من رحمته وكنت علي يقين أن الذي أخذه مني وأنا في قمة سعادتي هو وحده قادر علي أن يعوضني
وان القدر بقدر ما يكون قاسيا ففيه لطف ،
فقد رفعت يدي أطلب العون من الله ودعوته بهذا الدعاء
(إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها)
أن الطاقة التي كانت تدب في أوصالي والتي كنت استمدها من إيماني بالله ومن إخلاصي في أي عمل أقوم به
كانت تدفعني للأمام وتعينني علي تحمل المسؤليه الكبيرة التي أضحت علي عاتقي وهي رعاية أمي وأم زوجي المريضة التي مانعت بشده أن تذهب للعيش مع إحدى بناتها عندما شعرت أن المسكينة تريد أن تعيش في بيت ابنها وتشم ريحه وتراه في كل مكان حولها، وقد أصبح لي أٌمان أرعاهما بكل ما أُوتيت من قوه
وقد ظلت أمي الثانية مقيمه معي ولم اقصر في حقها أو طلباتها
في يوم من الأيام
وكان بناتها اقصد أخواتي البنات يزوروننا باستمرار ويقضون معنا يوم العطلة إلي أن توفاها الله
ومرت السنين تلو السنين وهاأنذا امسك بقلمي واكتب لكم قصتي
ولكن اسمعوا معي !!
هناك من ينادي علي ويخترق صوته الصمت من حولي!!
يلا يا برنسيسه !! انتي فين يا ماما!!
يا وفاااء !! العشا جاهز يا ست الكل
نعم انه ابني حضره الرائد هشام
نسيت أن أعرفكم عليه كما نسيت أن أعرفكم علي نفسي
أنا وفاء
لقد ربيته بعرقي ودمي كما فعلت معي أمي إنه حنون ووسيم مثل أبيه
باركوا له فقد تزوج حديثا وامرأته حامل
وكلنا نعيش معا وأمي أيضا فهي ما زالت علي قيد الحياة وهي نور وبركه هذا المنزل
نعيش أسره سعيدة هانئة في هذا البيت المتواضع
لا انه ليس متواضع انه قصر دافئ الزوايا
فنحن نعيش جميعا بحمد الله في رفاهية الإيمان والرضا
لكن هناك سؤال يلح علي هذه الأيام
هل يمكنني أن اسمي كل أولاد ابني بإسم هشام؟؟
والي أن تجاوبوني رددوا معي قول الحق تبارك وتعالي
( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حسا ب )
صدق الله العظيم